كانت أول ساعة صنعها الإنسان على شكل قرصٍ شمسي، وذلك تبعًا لمكان الشمس الظاهريّ في السماء. وكانت تُلبّي احتياجاته في ذلك العصر وتُعطي نتائج أفضل من تقدير العين البشرية؛ لأنه بحاجةٍ للبقاء على اتصالٍ مع المحيط الخارجي ومتغيراته من ضوء وظلام وحرارة أو برد.
أما في عالمنا المتقدم تقنيًا، ازدادت حاجتنا لمعرفة الوقت وازدادت الدقة في المواعيد، هناك موعد محدد لانطلاق القطار، للذهاب إلى العمل، للغداء … إلخ.
لذا فإننا بحاجةٍ لمعرفة الوقت بشكلٍ دائم لكي نقوم بأبسط أعمالنا اليومية، ومن أجل هذا الغرض؛ ولتنسيق النشاطات البشرية المختلفة؛ علينا أن نُعطي الوقت مقدارًا عالميًا مشتركًا يفهمه الجميع إذا ما أردنا للوقت أن يعني شيئًا بالنسبة لنا.
وإذا كنت من الأشخاص الذين عانوا كثيرًا في عامنا الحالي 2016 فغالبًا لن تعجبك فكرة أنه سيكون أطول بثانية وأنّ الأرض باتت تُبطىء من دورانها.
ولكن تحتّم عليك أن تمُرّ بالثانية 11:59:60 قبل البدء باستقبال العام الجديد.
إنّ المكتب الدولي لتحديد الساعة BIH الذي مقرّه في باريس يبقى على اتصالٍ دائمٍ بأبراج المراقبة الفلكية في مختلف البلدان؛ لتحديد التوقيت العالمي المنسق UTC بدقةٍ تبلغ حوالي واحد من مليار في الثانية تقريبًا.
من أين تأتي هذه الدقة ؟
يعود الفضل في ذلك إلى عنصر السيزيوم، حيث أنّ ساعة السيزيوم عبارة عن آلة تُصدر صوتًا محدد التواتر والنغم، ثم تقوم الإشارة الكهرومغناطيسية بتحديد فترة ذبذبة الفوتونات التي تتشكل منها الثانية الواحدة، لذا فإننا نقول بأنّ الثانية هي كمٌّ معين من ذبذبة الفوتونات، نقوم بتعييرها ضمن إطارٍ زمنيٍّ لتواترٍ معين وهو تواتر دوران السيزيوم، ثم نقوم بجمعها عن طريق عداداتٍ مبرمجة.
كل هذه الدقة ليست للتباهي فقط، بل هي مفيدة ولا يمكن الاستغناء عنها في مجالاتٍ عديدة، كالملاحة البحرية والجوية والاتصالات والفضاء والكهرباء وغيرها.
إذاً ما حاجتنا للثانية الكبيسة ؟
اليوم الفلكيّ هو الوقت الذي تستغرقه الأرض لإتمام دورانها حول محورها، إلا أنّ هذا الوقت ليس منتظمًا، يطول أحيانًا ويقصر في أخرى، إلا أنّه بشكلٍ عام يتباطأ.
فهناك عدة عوامل تؤثر على دوران الأرض كالمد والجزر، النشاط الجيولوجي، جاذبية القمر، الغطاء الثلجي، حركة الزلازل.
وبما أننا لا نستطيع ضبط حركة الأرض؛ علينا أن نضبط ساعاتنا كي لا يحدث تضاربًا بين الساعات الذرية وتوقيت النظام الشمسيّ.
استمتع بهذه الثانية الإضافية، وتذكر أننا في مبادرة الفضائيون نتمنى لك عامًا سعيدًا مليئًا بحب العلم والمعرفة، وحياةً عظيمة.
الإثنين مارس 13, 2017 11:49 pm
